الاثنين، 21 سبتمبر 2009

عيدية مباركة

بلادي ياسنا الفجر وينبوع الشذي العطر
العيد مبارك عليكم
واعاده الله باليمن والبركات

الجمعة، 11 سبتمبر 2009

مفهوووم الامن القومي

الأمن القومي
دكتور/ زكريا حسين-أستاذ الدراسات الإستراتيجيةالمدير الأسبق لأكاديمية ناصر العسكرية -مصر

على الرغم من الأهمية القصوى لمفهوم "الأمن" وشيوع استخدامه، فإنه مفهوم حديث في العلوم السياسية، وقد أدى ذلك إلى اتسامه بالغموض مما أثار عدة مشاكل، فلا يُعَدُّ اصطلاح "الأمن" هو أفضل المصطلحات للتعبير عن الأمن الوطني للدولة المعاصرة من ناحية، كما لم يتبلور المفهوم لكي يصبح حقلاً علميًّا داخل علم السياسة –منفصلاً عن علوم الإستراتيجية- تطبق عليه قواعد تأسيس النظرية، بدءاً من وضع الفروض وتحديد مناهج البحث الملائمة، واختيار أدوات التحقق العلمي، وقواعد الإثبات والنفي وإمكانية الوصول إلى نظرية عامة، وبالتالي الوصول إلى قانون يحكم ظاهرة "الأمن الوطني".
ويعود استخدام مصطلح "الأمن" إلى نهاية الحرب العالمية الثانية؛ حيث ظهر تيار من الأدبيات يبحث في كيفية تحقيق الأمن وتلافي الحرب، وكان من نتائجه بروز نظريات الردع والتوازن، ثم أنشئ مجلس الأمن القومي الأمريكي عام 1974م، ومنذ ذلك التاريخ انتشر استخدام مفهوم "الأمن" بمستوياته المختلفة طبقًا لطبيعة الظروف المحلية والإقليمية والدولية.
أولاً: مفهوم الأمن
على الرغم من حداثة الدراسات في موضوع "الأمن" فإن مفاهيم "الأمن" قد أصبحت محددة وواضحة في فكر وعقل القيادات السياسية والفكرية في الكثير من الدول.. وقد برزت كتابات متعددة في هذا المجال، وشاعت مفاهيم بعينها في إطاره لعل أبرزها "الأمن القومي الأمريكي" و"الأمن الأوروبي" و"الأمن الإسرائيلي" و"الأمن القومي السوفييتي" قبل تفككه.
* وفي مجال التوصل إلى مفهوم متفق عليه "للأمن"، فإنه يجدر بنا التعرف على ذلك المدلول في إطار المدارس الفكرية المعاصرة.
** "فالأمن" من وجهة نظر دائرة المعارف البريطانية يعني "حماية الأمة من خطر القهر على يد قوة أجنبية".
** ومن وجهة نظر هنري كسينجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق يعني أي تصرفات يسعى المجتمع عن طريقها إلى حفظ حقه في البقاء.
ولعل من أبرز ما كتب عن "الأمن" هو ما أوضحه "روبرت مكنمارا" وزير الدفاع الأمريكي الأسبق وأحد مفكري الإستراتيجية البارزين في كتابه "جوهر الأمن".. حيث قال: "إن الأمن يعني التطور والتنمية، سواء منها الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية في ظل حماية مضمونة". واستطرد قائلاً: "إن الأمن الحقيقي للدولة ينبع من معرفتها العميقة للمصادر التي تهدد مختلف قدراتها ومواجهتها؛ لإعطاء الفرصة لتنمية تلك القدرات تنمية حقيقية في كافة المجالات سواء في الحاضر أو المستقبل".
ولعل أدق مفهوم "للأمن" هو ما ورد في القرآن الكريم في قوله - سبحانه وتعالى -: "فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِنْ جُوعٍ وآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ". ومن هنا نؤكد أن الأمن هو ضد الخوف، والخوف بالمفهوم الحديث يعني التهديد الشامل، سواء منه الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي، الداخلي منه والخارجي.
وفي إطار هذه الحقيقة يكون المفهوم الشامل "للأمن" من وجهة نظري هو:
"القدرة التي تتمكن بها الدولة من تأمين انطلاق مصادر قوتها الداخلية والخارجية، الاقتصادية والعسكرية، في شتَّي المجالات في مواجهة المصادر التي تتهدَّدُها في الداخل والخارج، في السلم وفي الحرب، مع استمرار الانطلاق المؤمَّن لتلك القوى في الحاضر والمستقبل تخطيطاً للأهداف المخططة".
ثانيًا: ركائز وأبعاد ومستويات الأمن
على ضوء المفهوم الشامل للأمن، فإنه يعني تهيئة الظروف المناسبة والمناخ المناسب للانطلاق بالإستراتيجية المخططة للتنمية الشاملة، بهدف تأمين الدولة من الداخل والخارج، بما يدفع التهديدات باختلاف أبعادها، بالقدر الذي يكفل لشعبها حياة مستقرة توفر له أقصى طاقة للنهوض والتقدم.
* من هنا فإن شمولية الأمن تعني أن له أبعادًا متعددة..
أولها: البُعْد السياسي.. ويتمثل في الحفاظ على الكيان السياسي للدولة.
ثانيًا: البُعْد الاقتصادي.. الذي يرمي إلى توفير المناخ المناسب للوفاء باحتياجات الشعب وتوفير سبل التقدم والرفاهية له.
ثالثًا: البُعد الاجتماعي.. الذي يرمي إلى توفير الأمن للمواطنين بالقدر الذي يزيد من تنمية الشعور بالانتماء والولاء.
رابعًا: البُعْد المعنوي أو الأيديولوجي.. الذي يؤمِّن الفكر والمعتقدات ويحافظ على العادات والتقاليد والقيم.
خامسًا: البُعْد البيئي.. الذي يوفِّر التأمين ضد أخطار البيئة خاصة التخلص من النفايات ومسببات التلوث حفاظاً على الأمن.
* هذا ويتم صياغة الأمن على ضوء أربع ركائز أساسية:
أولاً: إدراك التهديدات سواء الخارجية منها أو الداخلية.
ثانيًا: رسم إستراتيجية لتنمية قوى الدولة والحاجة إلى الانطلاق المؤمَّن لها.
ثالثًا: توفير القدرة على مواجهة التهديدات الخارجية والداخلية ببناء القوة المسلحة وقوة الشرطة القادرة على التصدي والمواجهة لهذه التهديدات.
رابعًا: إعداد سيناريوهات واتخاذ إجراءات لمواجهة التهديدات التي تتناسب معها.. وتتصاعد تدريجيًّا مع تصاعد التهديد سواء خارجيًّا أو داخليًّا.
* وللأمن أربعة مستويات:
أولاً: أمن الفرد ضد أية أخطار تهدد حياته أو ممتلكاته أو أسرته.
ثانيًا: أمن الوطن ضد أية أخطار خارجية أو داخلية للدولة وهو ما يُعبَّر عنه "بالأمن الوطني".
ثالثًا: الأمن القُطري أو الجماعي، ويعني اتفاق عدة دول في إطار إقليم واحد على التخطيط لمواجهة التهديدات التي تواجهها داخليًّا وخارجيًّا، وهو ما يعبر عنه "بالأمن القومي".
رابعًا: الأمن الدولي.. وهو الذي تتولاه المنظمات الدولية سواء منها الجمعية العامة للأمم المتحدة أو مجلس الأمن الدولي و دورهما في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.
المفهوم في النظام العربي:
بدأ الفكر السياسي العربي في الاهتمام بصياغة محددة ومفهوم متعارف عليه في منتصف السبعينيات، وتعددت اجتهادات المفكرين العرب من خلال الأبحاث والدراسات والمؤلفات سواء في المعاهد العلمية المتخصصة، أو في مراكز الدراسات السياسية، والتي تحاول تعريف ذلك الأمن، ولعل من المهم أن نشير إلى أن ميثاق جامعة الدول العربية، والذي وضع عام 1944م، وأنشئت الجامعة على أساسه في مارس عام 1945م، لم يذكر مصطلح "الأمن"، وإن كان قد تحدث في المادة السادسة منه عن مسألة "الضمان الجماعي" ضد أي عدوان يقع على أية دولة عضوة في الجامعة، سواء من دولة خارجية أو دولة أخرى عضوة بها. كما أن معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية والموقعة عام 1950م، قد أشارت إلى التعاون في مجال الدفاع، ولكنها لم تشر إلى "الأمن"، ونصَّت المادة الثانية منها على ما أطلق عليه "الضمان الجماعي"، والذي حثَّ الدول الأعضاء على ضرورة توحيد الخطط والمساعي المشتركة في حالة الخطر الداهم كالحرب مثلاً، وشكَّلت لذلك مجلس الدفاع العربي المشترك، والذي يتكون من وزراء الدفاع والخارجية العرب.
كما أُنشئت اللجنة العسكرية الدائمة، والتي تتكون من رؤساء أركان الجيوش العربية، هذا ولم تبدأ الجامعة العربية في مناقشة موضوع "الأمن القومي العربي" إلا في دورة سبتمبر 1992م، واتخذت بشأنه قرار تكليف الأمانة العامة بإعداد دراسة شاملة عن الأمن القومي العربي خلال فترة لا تتجاوز ستة أشهر تعرض بعدها على مجلس الجامعة.
وقد تم إعداد ورقة عمل حول مفهوم الأمن "القومي العربي"؛ لمناقشتها في مجلس الجامعة العربية، وحددت الورقة ذلك المفهوم بأنه..
".. قدرة الأمة العربية على الدفاع عن أمنها وحقوقها وصياغة استقلالها وسيادتها على أراضيها، وتنمية القدرات والإمكانيات العربية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، مستندة إلى القدرة العسكرية والدبلوماسية، آخذة في الاعتبار الاحتياجات الأمنية الوطنية لكل دولة، و الإمكانات المتاحة، والمتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية، والتي تؤثر على الأمن القومي العربي."
هذا ولم تعرض الدراسة الشاملة عن الأمن القومي العربي على مجلس الجامعة، كما أن العديد من المفكرين عبَّروا عن قصور المفهوم الذي توصلت إليه اللجنة؛ حيث اتسم المفهوم بالغموض من جانب، والخلط بين التعريف والإجراءات من جانب آخر؛ ولهذا فإن الورقة أفاضت بعد ذلك في تحديد إستراتيجيات العمل الوطني في كافة المجالات، ولم تحدد اختصاصات تنفيذ ومتابعة أيٍّ منها.
في النهاية يمكن القول: إن الفكر السياسي العربي لم ينتهِ بعد إلى صياغة محددة لمفهوم "الأمن القومي العربي" يواكب تحولات المناخ الإقليمي والدولي و توازناته وانعكاسها على تصور وأبعاد هذا الأمن، وإن هذا الموضوع ما زال مطروحاً للتحليل ومفتوحاً للمناقشة رغم كل ما كتب عنه.

من الأنترنيت

اثيوبيا

أثيوبيا
أثيوبيا أو جمهورية أثيوبيا الفدرالية الديمقراطية : وعرفت في الأدبيات العربية القديمة "بالحبشة"، هي دولة تقع فوق الهضاب في
القرن الأفريقي. ولها أطول تاريخ من الاستقلال (ليس بشكل مستمر) بين دول القارة الأفريقية، حافظت إثيوبيا على استقلالها خلال فترة استعمار أفريقيا. وظلت كذلك حتى 1936 حيث اجتاح الجيش الإيطالي إثيوبيا. هزمت القوات البريطانية والإثيوبية القوات الإيطالية في عام 1941، ولكن إثيوبيا لم تستعد السيادة حتى توقيع الاتفاق الأنجلو إثيوبي في ديسمبر 1944.

خريطة توضح الموقع الجغرافى لأثيوبيا
التاريخ :
والأحباش كونوا لهم في القرن السابع قبل الميلاد
مملكة أكسوم وعاصمتها مدينة أكسوم. وكانت مملكة أكسوم قد قامت علي ساحل البحر الأحمر فيما يعرف حاليا بإريتريا. ففي سنة 500 ق.م. قامت المجتمعات المختلطة الساحلية من الفلاحين المحليين والتجار المهاجرين من جنوب شرق شبه الجزيرة العربية بتطوير لغتهم ونظام كتابتهم. وأصبحت الموانيء منذ القرن الأول موحدة تحت سيطرة مملكة عاصمتها أكسوم وبينما كانت مدينة مروي تنهار كانت مدينة أكسوم تزدهر. وكانت مميزة لمعمارها من الحجارة المميز ولاسيما أعمدة إستلا (مادة) المنقوشة والأعمدة الحجرية. وفي منتصف القرن الرابع تحول الملك عيزانا Ezana للمسيحية وارتبط بالكنيسة القبطية المصرية. وفي القرن السابع م. أصبح البحر الحمر تحت سيطرة المسلمين وفقدت أكسوم تجارتها وإتصالها بالمحيط الهندي. وتلاشت المملكة في القرن العاشر. واصبحت تابعة للكنيسة بإثيوبيا. وفي إثيوبيا (حبشة) قامت في الهضبة الإيثيوبية مملكة إثيوبيا سنة 800 م. وكان الفلاحون يفلحون الوديان الخصبة ويدفعون الضرائب للطبقة الحاكمة . وكانوا يشيدون الكنائس المنحوتة في الصخور مازال معظمها قائما حتي اليوم . ومن حضارتها المسلات التي يصل ارتفاعها 60 قدما و كل مسلة عبارة عن كتلة جرانيتية واحدة . وكلمة إثيوبيا معناها الوجه المحترق أو الأسود )الاسمر) ومن أكبر قبائلها القراقي. وهذه الكلمة أطلقت علي الحبشة وجنوب مصر بالنوبة وسواحل شرق أفريقيا علي البحر الأحمر وجنوب بلاد العرب التي تطل علي المحيط الهندي. ولقد أطلق عليها في التوراة حبشت.
تاريخ الإسلام فى أثيوبيا :
عرفت إثيوبيا الإسلام عندما أمر الرسول الكريم r المسلمين بالهجرة للحبشة هرباً من اضطهاد قريش لهم .وكانت إثيوبيا تمثل البلد الآمن بالنسبة للمسلمين نظراً لكونهم يدينون بالديانة المسيحية وأيضا لما عرف عن ملكهم بالعدل وسماحة خلقه وحسن معاملته مع باقي الديانات الأخرى التي كانت موجودة في تلك الفترة , كما أن موقع إثيوبيا الجغرافي وقربها من شبه الجزيرة العربية ساعدت على اختيارها للهجرة إليها .وإثيوبيا ((الحبشة)) تقع في شرق إفريقيا في منطقة القرن الأفريقي بين خطى عرض 4ْ , 18 ْ شمالاً وخطى طول 33ْ , 48ْ شرقاً كما جاء في كتاب (( تاريخ المسلمين في أفريقيا ومشكلاتهم )) لكاتباه الدكتور / شوقي عطا الله ..و الدكتور / عبد الله عبد الرزاق إبراهيم .وقد أشار الكاتبان إلى أهمية موقع إثيوبيا فهي تعتبر بمثابة الجسر الذي يربط بين القارتين الأفريقية والآسيوية فلا يفصلها عن الساحل الآسيوي إلا مسافة ضيقة تقل عن عشرين ميلاً, ويحدها من الغرب والشمال –السودان , ومن الشمال البحر الأحمر , ومن الشرق والجنوب – الصومال , ومن الجنوب كينيا .واسم الحبشة المشتق من اسم قبيلة (حبشت) اليمنية , وقد هاجرت هذه القبيلة من الجزيرة العربية قبل الميلاد بعدة قرون واستقرت بهذه البلاد وأعطتها اسمها .ومن هنا تتضح أنه كانت للعرب معرفة ببلاد الحبشة قبل الإسلام – فلما ظهر الإسلام في شبه الجزيرة العربية وجهر النبي r بالدعوة, وجد فيها بعض أغنياء قريش في الدين الجديد تقويضاً لسلطاتهم ونهياً عن ملذاتهم التي اعتادوا فناصبوا الرسول r العداء , ولما رأى الرسول الكريم r ما نزل بالمؤمنين بدعوته من إيذاء , أشار عليهم أن يفروا بإيمانهم ويهاجروا إلى بلاد الحبشة حيث بها ملكاً لا يظلم عنده أحد وهي أرض صدق حيث يجعل الله لهم مخرجاً مما هم فيه .فلما رأى أهل قريش أن أصحاب رسول الله r قد أمنوا به فبعثوا "عبد الله بن أبي ربيعه " , وعمر بن العاص وطلبوا مقابلة الملك وطالبوه أن يرد عليهم المهاجرين إليه من المسلمين فطلب النجاشي هؤلاء المهاجرين وسألهم عن حقيقة دينهم فتقدم جعفر بن أبي طالب ووصف له حاله العرب قبل الإسلام وبعده وشرح له أن دعوة الرسول الكريم r ترمي إلى ترك الأوثان وعبادة الله والتخلق لمكارم الأخلاق , فقال له النجاشي – هل معك ما جاء به من الله شيء ؟ - فقال جعفر : نعم – فقال النجاشي : فأقرأه علي – فقرأ جعفر عليه صدراً من سورة مريم , وفيها حديث عن ميلاد المسيح – فبكى النجاشي حتى ابتلت لحيته , وبكى أساقفته حتى ابتلت مصاحفهم حين سمعوا ما تلي عليهم , ثم قال النجاشي لمبعوثي "قريش" أن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة اتفاقاً . فلا والله لا أسلمهم إليكما . وبالرغم من أن الصلات بين الأحباش والمسلمين كانت في عهد الرسول الكريم r طيبة وودية , إلا أنه بدأت بعض الاحتكاكات بين الأحباش والدول الإسلامية بعد ذلك منذ عهد عمر بن الخطاب . ويذكر أن ميناء جدة تعرض لغارات الأحباش مما أضطر المسلمين لرد هذا العدوان .وفي عام 83 هـ – اضطر المسلمون لاحتلال مدينة قريبة من الحبشة وذلك لضمان مراقبة تحرك الأحباش , وقد وجدت بهذه الجزر نقوش عربية وشواهد قبور ترجع إلى منتصف القرن الثالث الهجري مما يدل على أن العرب المسلمين كان لهم بهذه الجزر حتى هذا التاريخ .وقد هاجر عدداً من القبائل العربية واستقرت في السهول الساحلية المحيطة بأرض الحبشة وبمضي الوقت تحولت المراكز الإسلامية إلى إمارات أو ممالك إسلامية أطلق عليها البعض اسم إمارات أو سلطنات الزيلع الإسلامية , وأطلق عليها المقريزي ممالك اسم الطراز الإسلامي , وإن لم تتوحد هذه الممالك الإسلامية تحت سلطنة إسلامية واحدة , ولكن ظهرت واحدة من هذه الممالك كقوة كبيرة , فمثلاً ظهرت مملكة "شوا " الإسلامية التي بلغت أوج عظمتها في القرن السادس الهجري .وقد سجل لنا التاريخ مراحل متعددة بين ممالك الطراز الإسلامي ومملكة حبشه المسيحية فقد طمع الأحباش في مد سلطانهم لهذه الممالك التي ننحكم بحكم موقعها في منطقة القرن الأفريقي في التجارة الخارجية عبر المحيط .وقد أرسلت الملكة " هيلانة " ملكة الحبشة في عام 1510 رسولاً إلى الملك " عمانويل" ملك البرتغال بهدف الاتفاق على عمل مشترك ضد القوى الإسلامية , لكنها أيضاً كانت تنوي مهاجمة مكة وهي في هذا بحاجة لمساعدة الأسطول البرتغالي الذي أحرز انتصارات حاسمة على الأساطيل الإسلامية في المحيط الهندي .وقد استجابت البرتغال لهذا الطلب الحبشي وأرسلت قوة على رأسها أحد أبناء فاسكوداجاما , وقد منيت القوات البرتغالية بخسائر فادحة وقتل قائدها – لكن لم تستطع القوارب الإسلامية أن تحقق نصراً على الحبشة والقوات المؤازرة لها .ففي هذه المرحلة من الصراع بين الأحباش والمسلمين ظهرت إمارة عدل الإسلامية , وكان الإمام / أحمد بن إبراهيم من أبرز الأئمة الذي ظهر في هذه الإمارة , وقد اشتهر باسم الغرين أو جرين أو جراى .وقد ولد هذا الإمام في أحد الأقاليم بشمال جرر في عام 908 هـ / 1500 م من أب وأم صوماليين , وقد تعلم علوم الدين والفقه في جرر حيث كانت في ذلك الوقت من المدن الإسلامية الزاهية , كما تعلم الفروسية وبرع في فنون القتال وتزوج ابنة الإمام محفوظ حاكم إمارة عدل .وفي ذلك الوقت كانت الدولة الإسلامية بشرق إفريقيا مفككة مما أتاح لملك الحبشة أن يحكم قبضته عليها ويفرض عليها الولاء ودفع مبالغ من المال كدليل على تبعيتها للحبشة . فعمل الإمام أحمد هو توحيد الإمارات الإسلامية الواقعة على حدود الحبشة وجمع شمل هذه الإمارات حوله ,وقد تم ذلك بعد أن نقل عاصمة دولة عدل في عام 1521 إلى مدينة جرر.وكانت الحبشة في ذلك الوقت تحت حكم الملك "لبني دنجل" وكانت أمه الملكة هيلانه وصية عليه حتى توفيت عام 1525 وكان الملك الشاب يستهين بقوة المسلمين .وفي سنة 935 هـ / 1529 م أحرز الأمير أحمد نصراً على الأحباش في موقعة ( شنبر كوري ) وأعقب ذلك في 1531 بدخوله " دوارو وشوه ومهره ولاسا " , واستعاد إمارات " بالي وهدية وسدامة " وهكذا لم يأت عام 1535 حتى كان المسلمين يسيطرون على جنوب الحبشة ووسطها مما اضطر الملك الحبشي للهروب من وجه الإمام .وقد أرسل ملك البرتغال قوات لتعزيز الجيش الحبشي بعد أن استنجد الأحباش به , وكان الإمام احمد قد استنجد بالعثمانيين فأرسلوا تسعمائة من حملة البنادق وعشر مدافع , واستمرت المعارك بين الطرفين , وقد اتخذت هذه المعارك صورة حرب دينية .وكان نجاح الإمام في اقتحام أبواب عاصمة الملك الحبشي ( أمهرا ) - رغم تحصينها- أثراً كبيراً .فقد طلب الملك الحبشي الجديد نجدة من البرتغال حيث أمدوه ب 500 جندي مدربين تدريباً جيداً ومسلحين بالأسلحة النارية , وأرسلوا له قوة بحرية استطاعت فرض حصار على شاطيء الحبشة الشرقي لتحول دون وصول نجدات من اليمن أو غيرها للإمام احمد الذي كانت جيوشه قد بدأت تعاني من الإنهاك بسبب تهدد المعارك وكثرة الذين استشهدوا من القادة البارزين من هذه المعارك رغم ما أحرزته جيوش الإمام من انتصارات وكان الموت نصيب الإمام أحمد بعد أن استمر حوالي خمس عشرة سنة (1528 – 1543 ) وكان لموت هذا المجاهد أثره على جيشه الذي بدأ يتقهقر أمام الأحباش والبرتغال .وجاء الأمير/ نور الدين بن مجاهد إماماً ليخلف خاله في الجهاد (959 – 1551 ) واستطاع أن يتصدى للجيوش الحبشية واستطاع قتل الملك " كلاديوس " .لكن استطاعت القوات الحبشية أن يعاودوا الكرة معتمدين على لما أصاب القوات الإسلامية من فتور بعد مقتل قائدها الأول الإمام أحمد – وانتهى الأمر بان أضطر الأمير / نور الدين إلى اللجوء إلى حاكم مصوع التركي , إلا أن جهاد الإمام احمد قد أدت انتصاراته المتتالية وإصلاحاته التي عممها في البلاد الشاسعة التي خضعت له لازدهار التجارة واستتباب الأمن وانتشر الإسلام حتى أصبحت جرر مركزاً إسلامياً بارزاً للإسلام وتعاليمه في شرق أفريقيا كلها وقد استمرت هذه الآثار الثقافية والدينية حتى بعد انتهاء حياة هذا البطل المغوار .ويتضح مما سبق أن للإسلام جذور بعيدة في إثيوبيا (( الحبشة )) لما كان يتمتع به ملكها النجاشي من تدين وكونها أول بلد جذب إليه الكثير من المهاجرين المسلمين حيث كانوا النبتة الأولى للانتشار الإسلام في إثيوبيا .
مظاهر السطح :
تغطي الهضبة الإثيوبية أكثر من نصف مساحة البلاد والتي تنحدر من الشرق إلى الغرب نحو الأراضي المنخفضة السودانية، وتتميز المنطقة الشمالية الشرقية منها بوجود أجراف شديدة الانحدار، ويقطع الهضبة العديد من الأودية العميقة كما يخترقها النيل الأزرق والذي ينبع من بحيرة تانا وهي من أكبر البحيرات الموجودة في إثيوبيا ويعد نهر النيل الأزرق المجرى الرئيسي لنهر النيل، ويقع بالهضبة أعلى القمم الجبلية في البلاد وهي قمة جبل " راس ديجن" والذي يبلغ ارتفاعه 4620 متر، ومن مظاهر السطح الأخرى الأخدود الإفريقي العظيم والذي يمتد من الشمال الشرقي إلي الجنوب الغربي من البلاد قاطعاً الهضبة الإثيوبية، وتقع صحراء الدناقل في الشمال، وتنتشر العديد من البحيرات الكبرى في المنطقة الجنوبية، كما توجد بالبلاد الهضبة الصومالية وهي أقل ارتفاع من الهضبة الإثيوبية وتضم العديد من المرتفعات والتي يصل بعضها إلي 4267 متر فوق مستوى سطح البحر في جبال منديبو، كما توجد هضبة أوجادين وهي هضبة صحراوية تضم عدد من الأنهار مثل شيبيلي، وجوبا وداوا، ويوجد بإثيوبيا نهر وحيد صالح للملحة وهو نهر أواش.
المناخ :
مناخ إثيوبيا مناخ مداري موسمي تنتابه العديد من التغيرات وذلك حسب مظاهر السطح في البلاد، ففي المنطقة الاستوائية تحت ارتفاع 1.830 متر تبلغ درجات الحرارة سنوياً حوالي 27 درجة مئوية ، ويقل معدل سقوط الأمطار عن20 بوصة سنوياً، أما في المنطقة شبه الاستوائية والتي تضم معظم الهضبة وبين ارتفاع حوالي 1.830 و 2.440 متر تبلغ درجات الحرارة حوالي 22 درجة مئوية ويتراوح معدل سقوط الأمطار ما بين 20 إلى 60 بوصة، وعلى ارتفاع أعلى من 2.440 متر تبلغ درجة الحرارة حوالي 16 درجة مئوية، ويتراوح معدل سقوط الأمطار بين 50 إلى 70 بوصة، ويتركز موسم المطر الرئيسي بين نصف يونيو وسبتمبر ويعقبه موسم للجفاف قد يقطعه موسم قصير للمطر في فبراير أو مارس.
نظام الحكم :
تخضع إثيوبيا لنظام حكم جمهوري إتحادي، ويتم انتخاب رئيس الجمهورية لفترة رئاسية تمتد إلي ست سنوات، يتم تعيين رئيس الوزراء من الحزب الذي يصل إلي السلطة عقب الانتخابات التشريعية، وتتكون السلطة التنفيذية من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والحكومة.وتتكون السلطة التشريعية من مجلسين هما مجلس الإتحاد ومدة عضوية أعضائه خمس سنوات، والمجلس الثاني هو مجلس نواب الشعب وينتخب أعضائه بالاقتراع الشعبي المباشر وفترة عضويتهم خمس سنوات أيضاً.وبالنسبة للسلطة القضائية فتعد المحكمة الاتحادية العليا أعلى سلطة قضائية في إثيوبيا، ويتم تعيين رئيسها ونائبه بناء على توصية من رئيس الوزراء، ويتم اعتماد تعينهما من قبل مجلس نواب الشعب. وتوجد في إثيوبيا عدد من الأحزاب السياسية نذكر منها حزب عفار الوطني الديموقراطي، جبهة وحدة بنيشانجول جوموز الديموقراطية الشعبية، الائتلاف من أجل الوحدة والديموقراطية.
الدين :
قدرت مؤسسات كبرى مثل "وزارة الخارجية الأمريكية" أعداد
المسلمين في إثيوبيا بنحو 50 % من تعداد سكان هذا البلد. وقد استعملت الكثير من الجهات الصحفية والإعلامية حول العالم هذه الأرقام على نطاق واسع، هذه الأرقام بدلاً عن أرقام الإحصاء السكاني الذي أجري عام 1994. بين 40 و 45 % مسيحيون يتبعون كنيسة التوحيد الأرثوذكسية الإثيوبية، 45 % مسلمون سنيون، أم البروتستانت فيشكلون نسبة 10 % ويعتبرون أسرع المجموعات الدينية نمواً في البلاد. وهناك مجموعات أخرى كالكاثوليك يبلغ تعدادهم 500.000 فرد، وشهود يهوه 7500 فرد، ومجموعات أخرى صغيرة من اليهود وأتباع الديانات المحلية .

مناطق إثيوبيا :




خريطة توضع بعض أقاليم أثيوبيا
أقاليم إثيوبيا العرقية :
قامت حكومة الجبهة الشعبية لتحرير إثيوبيا بتقسيم إثيوبيا إلى تسع مناطق (
بالأمهرية: "كيليلوتش"، ومفردها: "كيلي") حسب الأعراق. وهم:
(
عفار و أمهرة و بني شنقول - قماز و جامبلا و هرري و أوروميا و صومالي(أوجادين) و الأمم الجنوبية و تيجراي ) .
وبالإضافة إلى ذلك هناك مدينتان لهما وضع خاص وهما :
أديس أبابا و ديرة داوا .
العلاقات العربية الإثيوبية :
هجرة المسلمين إلى الحبشة بعيدا عن اضطهاد مشركي
مكة، مما جعل لمسيحين الحبشة مكانة عزيزة في قلوب المسلمين.
الأمهرة، الأقلية العرقية الحاكمة في الحبشة على مر العصور، لديها حساسية مفرطة تجاه مختلف الأعراق المساكنة والمجاورة ومنهم المصريين والعرب.
تحالف حكام الحبشة، في القرون 16 و 17، مع مختلف الدول الأوروبية (مثل
البرتغال وهولندا وإيطاليا) ضد الدول الإسلامية المجاورة (مصر، اليمن، الصومال، العفر، الحجاز، مروي).
مسيحيو الحبشة كانوا يتبعون
الكنيسة القبطية المصرية (حتى عام 1974) بما تستدعيه تلك العلاقة من حميمية واحتكاكات.
سيرة
سيف بن ذي يزن، من عيون التراث العربي والمكتوبة في العصر المملوكي، تدور في مجملها حول الحروب العربية الحبشية.
أكثر من 70% من
فيضان نيل مصر يأتي من النيل الأزرق الذي ينبع من الهضبة الحبشية. مشاريع إثيوبيا لإقامة سدود على النيل الأزرق تقابل بقلق بالغ من المصريين.
حملة الحبشة (1874 - 1877) المصرية في عهد الخديوي إسماعيل.
تحالف سفاري المضاد للمد الشيوعي (عام
1975) (والمكون من الولايات المتحدة و مصر السادات والمغرب والسعودية و كينيا وإيران الشاه) اعتبره منجستو هايلا مريام مؤامرة مصرية موجهة ضد إثيوبيا. وفي خطبة له عام 1979 حطم زجاجات مملوءة دماً على اسمي مصر والسعودية.
منذ 1991 أتت إلى الحكم حكومة يتزعمها
ميليس زيناوي قائد جبهة تحرير تجراي (TLF الإنفصالية سابقاً) وهي على علاقة وثيقة بالخرطوم. شهدت علاقات إثيوبيا تحسنا ملحوظا مع كل دول الجوار العربية ماعدا إريتريا التي يحكمها إساياس أفويرقي قائد الجبهة الشعبية للتحرير التجرينية (TPLF)، والتي كانت شديدة القرب (عرقياً وسياسياً) من جبهة تحرير تجراي (TLF) خلال سني الثورة.
الديانة:
ينتمي نحو 40% من سكان أثيوبيا إلى الكنيسة الأرثوذكسية الأثيوبية، ويشكل المسلمون نحو 40% من السكان، مع 5% من المسيحيين الآخرين والباقي من الديانات الأخرى.
اللغة:
تعد الأمهرية لغة التخاطب الرسمية إضافة إلى 70 لغة أخرى و200 لهجة محكية هناك ويتكلم بها حوالي 50% من السكان.
أهم المدن:
أديس أبابا وعدد سكانها (1،850،000) ، ديري داوا وعدد سكانها (160،000) ، وغونداو وعدد سكانها (100،000).
المدن والسياحة
من كبرى المدن الإثيوبية والتي تحظى بخلفية تاريخية هي العاصمة أديس ابابا أو فينفين والتي تعني "الوردة الجميلة " هذا الاسم الذي أطلقه عليها الإمبراطور الإثيوبي مينيليك الثاني والذي قام بتأسيسها في عام 1885م، ثم أصبحت عاصمة للبلاد في عام 1893م، ثم مركز لحكومة الإمبراطور هيلاسيلاسي الأول في عام 1931م، خضعت بعد ذلك للاحتلال الإيطالي في الفترة ما بين عامي 1936- 1941م، ثم حظيت أديس أبابا بأهمية سياسية دولية منذ عام 1963م حيث جرى فيها أول لقاء لرؤساء حكومات الدول الإفريقية والذي نتج عنه تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية، وأصبحت أديس أبابا المقر الرسمي لها.يتركز بأديس أبابا أكثر من ثلث سكان إثيوبيا، كما تحظى هذه المدينة بأهمية اقتصادية واجتماعية عالية وذلك نظراً لتركز العديد من المؤسسات ،والمنظمات الإقليمية ،والدولية بها، بالإضافة لكونها مركز للحكومة الإثيوبية، كما تعد مركز صناعي واقتصادي هام حيث تتركز بها العديد من الصناعات، سواء الصناعات الخفيفة أو الصناعات الثقيلة كالحديد ،والصلب ،والأسمنت.
أهم المنتجات:
- الزراعة: البن، الذرة الشامية، الحبوب الزيتية، قصب السكر، القمح وحبوب أخرى.
- الصناعة: الإسمنت، الأغذية المحفوظة، الأحذية، المنسوجات، مشتقات نفطية.


الخميس، 10 سبتمبر 2009

لماذا يكرهوننا اسئلة ليست للاجابة


مفكرة الإسلام: منقووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووول
وجد الكيان الصهيونى ضلته المنشودة في أعقاب التفجيرات التي شهدتها مدينة مومباي الهندية ، نحو المضي قدماً في شن مزيد من الهجوم على الإسلام والمسلمين ، والتأكيد على أنهم يحركون الإرهاب في العالم أجمع دون التفرقة بين هندي أو أمريكي أو "إسرائيلي" أو عراقي أو سوداني، وامتلاءات وسائل الإعلام الصهيونية بأحاديث للعشرات من الكتاب والخبراء الذين سرعان ما أن أمسكوا بأقلامهم لشن حملات عدائية ضد الإسلام ، في إطار السعي المتواصل لتكريس نظرية العداء للإسلام والمسلمين في شتي بقاع الأرض ، وهو الأمر الذي دأبت عليه إسرائيل منذ عقود حتى يتثني لها مواجهة فصائل المقاومة الفلسطينية التي تتخذ هي الأخرى خطاً إسلامياً ، كحماس والجهاد وغيرهما.
وتحت عنوان "عولمة الإرهاب الإسلامي" أعد بن درور يميني ، الكاتب المعروف بتوجهاته المعادية للعرب والإسلام ، تقرير نشرته صحيفة معاريف الصهيونية، هاجم فيه الإسلام وأصر على أنه مصدر كل الشرور في العالم الآن.
وأشار الكاتب الصهيوني فى مستهل تقريره إلى أنه وفور الهجمات الإرهابية داخل الولايات المتحدة في سبتمبر 2001، نشر عدد لا يحصى من المقالات تحت عنوان مشابهة: "لماذا يكرهوننا؟" ، وقد جاء الجواب في الغالب على لسان خبراء من منظمة أساتذة شئون الشرق الأوسط، وكان يتسم بأنه معاد "لإسرائيل" ، وكان الجواب شبه النمطي: "إنهم يكرهوننا بسبب سياستنا في الشرق الأوسط، وبسبب مساعدتنا "لإسرائيل"، وبسبب العولمة، وبسبب الاستعمار والإمبريالية".
وتابع حديثه بالقول"قسم من وسائل الإعلام الرائدة في العالم انضمت، بطريقة أو بأخرى، لهذا الاتجاه ، وأصبح الإرهابيون "مقاتلون" ، ويظن الزائر من كوكب خارجي أن الحديث عن نشطاء اجتماعيين يناضلون ضد تعرضهم للاستغلال من قبل عناصر ظلامية يحركها الصهاينة ، ولم يكن قسم الإعلان في تنظيم القاعدة بحاجة إلى إصدار ولو بيان واحد، فقد قام المثقفون المتنورون بعمل الأشرار.
ولكن الحقيقة عكس ذلك تماما، فالإرهابيون لا يبحثون عن الحرية أو العدل، وإنما يريدون عالما ظلاميا ، ومشكلتهم الأساسية هي حرية الرأي ومكانة المرأة ، إنهم يريدون العولمة، ولكن فقط للإسلام التخريبي ، وحتى في الاعتداءات الإرهابية في بومباي، سمعنا نفس القصة بأنهم "يبحثون عن أمريكيين وبريطانيين".
ولكن، علينا أن نتبنه إلى أن ضحايا الإرهاب هم في الأساس من المسلمين وليس الغربيين ، و في العراق وباكستان وأفغانستان والجزائر والهند ، نسبة الضحايا الغربيين تكاد تكون منعدمة ، إلا أن صناعة الكذب نجحت في أن ترسخ في الوعي الغربي الكذبة القائلة بأن "هذا نضال ضد الظلم الغربي" ، وقال إن الإرهاب ناتج عن غسيل المخ الذي تموله في الأساس الصناديق الإسلامية التي تصل أذرعها إلى كل أرجاء العالم.
أكاذيب صهيونية
ونوه بن درور يميني إلى أن الدكتور والي ناصر، ألف كتابا عن تطور شبكة المدارس الدينية في باكستان بواسطة "المال السعودي" ، وقال فيه أن بعض طلبة هذه المدارس كانوا يأتون من الهند وأفغانستان أيضا، وقد شكلوا البنية الأيديولوجية المسئولة عن جزء ملحوظ من الإرهاب الحالي.
وتابع كاتب صحيفة معاريف حديثه بالقول"هذا المال النجس يتسلل إلى المؤسسات التعليمية في الولايات المتحدة وأوروبا وكل أنحاء العالم تقريبا ، وقد أفادت صحف بريطانية مؤخراً أنه بين الإرهابيين الذين شاركوا في اعتداءات مومباي كان هناك 2-7 بريطانيين ، وبغض النظر عن صحة هذه المعلومة، فيجب أن نعلم أن نحو 50% من المساجد في بريطانيا تخضع لسيطرة فرقة دينية متطرفة نشأت في شبه القارة الهندية، وهي بمثابة التوأم للإسلام الراديكالي على الطريقة الوهابية.
حاصروا الإنترنت
وأنهى الكاتب تقريره بالتأكيد على أنه يجب على ما أسماه بالعالم الحر أن يستيقظ ، مشيراً إلى أن المرحلة الأولى في الحرب ضد الإرهاب تكون بالقمع المطلق لصناعة الكراهية ، وقال كفى انخداعا بشعارات "حرية الرأي" و"تعدد الحضارات" التي تمنح حرية العمل للمساجد وللوعاظ المحرضين على الكراهية ، ودعا إلى محاربة النشاط الإسلامي في الغرب قائلاً "لا مزيد من "مراكز الدراسات الإسلامية" حتى في الجامعات العريقة التي تحولت إلى مدارس إسلامية في قلب الغرب ، ولا مزيد من مواقع الإنترنت لخدمة القاعدة والإسلام الراديكالي ، ويجب في الأساس توجيه إنذار للسعودية بضرورة الكف عن تمويل التحريض العالمي ، ولا مزيد من "الحوار بين الأديان" و"المبادرة العربية" التي يلوحون بها بيد، بينما يمولون باليد الأخرى صناعة الكراهية.
"الإرهاب الإسلامي" يستهدف اليهود!
وفى سياق ذي صلة أعد العقيد احتياط بالجيش الصهيوني يعقوب عميدرور ، تقرير نشرته صحيفة "إسرائيل هايوم" ، حمل عنوان الإرهاب في مومباي: العالم سيبقى مكانا خطيرا ، شن فيه هو الآخر هجوماً مقيت ضد الإسلام والمسلمين واصفاً إياهم بالتطرف والإرهاب ، وقال في مستهله "أنه حتى بعد أن تهدأ أصداء الهجوم متعدد البؤر في مدينة بومباي الساحلية، فإن كل التفاصيل لن تتضح للهنود ، حقيقة أن الحديث يدور عن هجوم على بضعة أماكن مختلفة وبعيدة تشير إلى أن قوات عديدة عملت بالتنسيق ، ليس سهلا تنظيم عملية من هذا النوع- جمع القوات ونقلهم إلى أهداف الهجوم بالتوازي ، وليس من الواضح إذا كان الإرهابيون بحثوا عن أهداف محددة أو مجرد فنادق معروفة على شاطئ البحر ، أما الهجوم على مركز "حباد" الديني اليهودي فيدل على اختيار واعي للأهداف، إذ من الصعب التصديق بأنه جاء صدفة.
وتابع يعقوب عميدرور الذي شغل في السابق كذلك منصب هام بشعبة الاستخبارات الصهيونية العسكرية "أمان" حديثه بالقول"توفر العملية برهانا آخر لمن يحتاج إلى ذلك على أن مفهوم الإرهاب يجد له مرتعا واسعا في أرجاء العالم ، حيث تكاد تكون هناك عمليات إرهابية في كل مكان يوجد فيه نزاع بين مسلمين وغيرهم، أو بين مسلمين ومسلمين (السودان)، أو في الأماكن التي توجد فيها هجرة كبيرة للمسلمين (أوروبا مثلا) ، ورغم نجاح هذه العملية، فمن المهم أن نتذكر أن للولايات المتحدة انجازات هائلة في حربها، التي تشمل العالم بأسره، ضد الإرهاب الإسلامي الراديكالي.
كلهم إرهابيون
قائلاً أن الانجاز الأمريكي بارز على خلفية حقيقة أنه منذ عام 2001 لم ينجحوا في تنفيذ عملية إرهابية على أراضي الولايات المتحدة ، غير أنه يتبين مرة أخرى أنه لا يمكن منع كل العمليات الإرهابية في العالم بأسره ، فالطاقة الكامنة على تجنيد عناصر إرهابية في دول إسلامية هي طاقة لا حصر لها ، و يكفي جزء زهيد من السكان الذين يبلغ تعدادهم أكثر من مليار نسمة كي يتحول العالم إلى مكان أقل أمنا ، وهذا هو الوضع اليوم ، حيث لا توجد دولة إسلامية تقريبا ليس بها نواة إرهابية، سواء على خلفية نزاع محلي (مثل فتح في منطقتنا)، أو كجزء من إرهاب عالمي (القاعدة) أو كفرع محلي لشبكة أوسع (حماس ليست سوى فرعا للإخوان المسلمين الذين يتواجدون أيضا في الأردن ومصر والسعودية) ، أما إيران، بالمقابل، حالة خاصة لدولة تشجع الإرهاب علنا وتحتفظ بفروع لها كمنظمات إرهابية في دول أخرى: حزب الله في لبنان، والجهاد الإسلامي في المناطق الفلسطينية.
وأختتم العقيد احتياط بالجيش الصهيوني يعقوب عميدرور تقريره بالقول"بالتالي يجب أن نرى الهجوم في الهند كهجوم ذي بعدين: البعد المحلي- النزاع على كشمير ومشكلة العلاقات مع الأقلية الإسلامية الكبيرة ، والبعد العالمي-المرتبط بالإرهاب الإسلامي الراديكالي ، وطالما لا توجد آلية دولية لمعالجة المشكلة النابعة من الإرهاب العالمي- فإن الإرهاب سيستمر في كل مكان.
اللافت للنظر أن الكيان الصهيوني استغل تعرض مركز يهودي في مدينة مومباي للهجوم ومقتل تسعة من الصهاينة فيه ، للتأكيد على أنها ضحية للإرهاب الإسلامي في كل مكان ، وأنها تقف في ذات الخندق الذي يستهدفه ما تسميهم بالمتطرفين المسلمين ، واستغلت بعد ذلك الأمر جيداً ، في الترويج للعداء للإسلام والمسلمين والدعوة إلي محاربتهم بشتى الطرق والوسائل المتاحة والغير متاحة ، فهل يتدارك العرب والمسلمون هذا الأمر سريعاً ويشنون حملة دعائية تدفع عنهم ، مزيد من الكراهية ، أم يبقون على صمتهم وتستمر "إسرائيل" في جني المكاسب.

الثلاثاء، 8 سبتمبر 2009

قران كريم

د. سمير امين مفهوم القومية

1- لا شك أن القومية واقع له وجود حقيقي وفعّال وتعبيرات صارخة تتجّلى في جميع مستويات الحياة الإجتماعية واليومية للشعوب. فمعظم الناس يعترفون دون تردد بإنتمائهم إلى قومية ما، ويقصدون من وراء هذا الإعلان أنهم يرون أن ثمة قاسماً مشتركاً يجمعهم مع غيرهم من ((مواطنيهم)) في وحدة القومية، وذلك على الرغم من التميزات التي قد تفرّق بينهم وتقسّمهم الى مجموعات إجتماعية متميّزة، مثل الطبقة أو العقيدة أو الثقافة. وليس الحكم بصحّة أو وهمية القاسم المشترك المزعوم هو موضوع نقاشنا هنا؛ فمجرد الإقتناع بوجوده، أكان بشكل بشكل مطلق أم نسبي- أي في صورة تعترف بحدود هذه السمات المشتركة-، إنما يثبت حقيقة واقع القومية كظاهرة إجتماعية. هذا بديهي، ولكنه لا يعني على الإطلاق أن التوقف للتساؤل حول طبيعة الظاهرة القومية وحدودها وتناقضاتها غير ضروري، بل على العكس من ذلك، لا بد من نقد الميثولوجيات التي يقوم ((الوعي القومي)) عليها. لأن هذا الوعي قائم فعلاً على ميثولوجيات عنيدة تصعب إزالة النقاب عنها: منها ميثولوجيات تزعم أن القومية ((ظاهرة طبيعية))؛ بمعنى أنها تنتمي الى الطبيعة البيولوجية للإنسان، الأمر الذي يقود فوراً الى عنصرية وعرقية. هذا بينما التاريخ يثبت أن القوميات القائمة فعلاً في الساحة هي ظواهر إجتماعية تاريخية الطابع، تكونت ونمت في ظروف ملموسة معينة. وبما أن المسيرات التاريخية التي مرّت بها مختلف الشعوب متباينة، فلا بد من العودة الى تاريخ هذه المسيرات، إذ أن تباينها يفسر إختلاف مفاهيم القومية.2- يقوم مفهوم القومية على تناقض جوهري داخلي له، شأنه في ذلك شأن جميع المفاهيم المحددة لمجموعات إنسانية. هذا التناقض يتجلّى هنا، من ناحية، بين العمومية الإنسانية؛ أي الطابع المشترك للبشر بأجمعه، سواء أكان من حيث المميزات البيولوجية والنفسية والذهنية - الأمر الذي ينكر تماماً النظريات العرقية التي تدّعي أن الخصوصيات في هذه المجالات تتفوق على ما هو عام ومشترك -، أم من حيث مغزى المشروعات المجتمعية المستقبلية، وبين الذاتية الخصوصية التي تتجلّى في واقع تاريخ المجموعات الإنسانية تجلياً واضحاً، من الناحية الثانية.يتموضع التحدي العلمي الحقيقي في الإجابة عن هذا السؤال بالتحديد: كيف تتمفصل أبعاد الخصوصية والعمومية؟ لماذا - على صعيد التعبير الإيديولوجي للوعي الإجتماعي - يزعم البعض أن الخصوصية تنفي العمومية فيطرحون نظريات وإيديولوجيات تعطي مشروعية لهذا النظر، بينما يزعم البعض الآخر أن العمومي يفرض نفسه فرضاً - شئنا أم أبينا. إن دور التحليل العلمي هو بالتحديد قراءة نقدية للميثولوجيات والإدراكات وأساليب التفهم التي تعبّر القومية عن نفسها من خلالها، وذلك بغرض كشف سر التناقض الذي يقوم عليه مفهوم القومية.3- إن لمفهوم عمومية البشرية نفسه تاريخاً. فالإنسانية لم تصل فوراً الى مستوى التجريد المطلوب من أجل إدراك المغزى الذي يحمله هذا المفهوم، فإنحصرت تجربة المعاش على مجموعات فئوية صغيرة نسبياً - قبائل أو إثنيات، لا تهم تسميتها - ونظر أعضاء هذه المجموعات الى أنفسهم نظرة خصوصية مطلقة، دون التوصل الى إدراك مغزى وحدة البشر.وإستمرت الأوضاع على هذا النمط خلال عشرات ألوف السنين، ومن ملازمات هذا الوعي القاصر، المحبوس في آفاق ضّيقة، أن الآلهات التي تصورتها الحضارات في هذه العصور القديمة لم تخرج، هي الأخرى، عن آفاق محلية، فظلّت كائنات خاصة لكل قبيلة أو إثنية أو جماعة فئوية، دون أن يتوصل التصوّر الى كائن إلهي يخاطب البشرية بأكملها. ثم جاءت أول موجة لما أُسّميه ((الثورات الثقافية لنمط الإنتاج الخراجي)) ، وظهر معها مفهوم عمومية البشرية في صورته الأولى. أقصد هنا الألفية التي تمتد من 500 ق.م الى القرن السابع الميلادي. فقد تبلورت خلال هذه المرحلة التاريخية الديانات الكبرى التي تتقاسم الإنسانية بينها الى عصرنا، وهي الديانة الزرادشتية، التي هجرت مسرح التاريخ، والبوذية والمسيحية والإسلام، كما تبلورت أيضاً خلال هذه المرحلة الفلسفات الكبرى ذات المغزى الإنساني العمومي؛ أقصد الكونفوشيوسية والهيلينية. وتتسم جميع هذه العقائد بالقول إن للبشر قدراً واحداً، ولو إنحصرت النظرة الى هذا القدر على تأويلات تخص الآخرة. هكذا تجاوز الفكر الديني والفلسفي آفاق المحلية والخصوصية. على أن الديانات والفلسفات الجديدة ذات البعد الإنساني العمومي لم تحقق وحدة الإنسانية على صعيد الكون، فلم تسمح بذلك الظروف الموضوعية الخاصة بالمرحلة الخراجية للتاريخ. هكذا تبلورت عوالم المسيحية والإسلام والهندوكية والكونفوشيوسية. وعلى الرغم من هذا الفشل النسبي في تحقيق العولمة، أزعم أن هذا الفشل النسبي في تحقيق العولمة، أزعم أن هذه الثورة الثقافية تمثل مرحلة أولى حاسمة في تكوين مفهوم العمومية. فطرحت فكرة سابقة على أوانها، سابقة على أوانها، سابقة على نضوج الظروف التي تتيح تحقيقها، شأنها في ذلك شأن جميع الثورات الكبرى. تمثل الثورة البرجوازية التي تفتح العصر الحديث المرحلة الثانية في هذا التطور؛ وقد طرحت مفهوماً جديداً للعمومية، أغنى مضموناً. وأزعم أن فلسفة الأنوار تمثل نقطة إنطلاق هذه الحركة التي بلغت ذروتها في الثورة الفرنسية. وفيما يخص موضوعنا مباشرة، أي موضوع القومية، فقد طرحت فلسفة الأنوار مضموناً جديداً لها. كانت الشعوب قبل ذلك التاريخ تعيش واقعها على ضوء الوعي بالإنتماء الى إحدى الديانات أو الفلسفات الإقليمية الكبرى المذكورة أعلاه. فنستطيع أن نتحدث بالنسبة لتلك العصور، السابقة على الرأسمالية، عن أمم مسيحية وإسلامية وهندوكية وكونفوشيوسية. فقد كان لهذه الأمم وجود فعلي، وصدى حاسم في العديد من الممارسات السياسية والإيديولوجية والسلوك في الحياة اليومية، وذلك سواء أكانت المنطقة المعينة موحدة نسبياً من حيث نظام الحكم السياسي- وهذه الحالة هي الإستثناء- أم كانت متفتتة سياسياً، وهي القاعدة العامة. جددت فلسفة الأنوار الوعي؛ كي يستجيب الإطار المجتمعي الذي أخذ في التكون في الربع الشمالي الغربي للقارة الأوربية إنطلاقاً من عصر النهضة وفتح أمريكا (القرن السادس عشر)، أي الرأسمالية بتعبير أصح. فتبلورت أولى القوميات الحديثة في هذه الأطر المناسبة لنشأة الرأسمالية، وهي إنكلترا وفرنسا بالتحديد. أقول القوميات الحديثة؛ بمعنى أنها قوميات إزدهرت في ظل إطار الدولة-الأمة البرجوازية التي لا سابق لها في التاريخ.أضفت فلسفة الأنوار مشروعية لهذه القطيعة في التاريخ. لذلك لم تتطلع الى تكوين الدولة-الأمة البرجوازية الجديدة على أنه ناتج طبيعي للتطور، ولم تؤسس مشروعية القومية على ميثولوجيا بيولوجية مثلاً، بل اتخذت موقفاً مبدئياً معادياً تماماً، وأنمت خطاباً آخر. فأعلنت أن الدولة-المجتمع هذا هو ناتج قطيعة وانعتاق من (( الطبيعة)). فالمجتمع في منظورها ناتج ((عقد إجتماعي)) يربط الأفراد بعضهم ببعض. والعقد - كما هو معروف في القانون- هو صلة تربط أحراراً بفعل إرادتهم الحرة. فالقومية، من هذا المنظور، هي فعل عقد إجتماعي، والدولة-الأمة -القالب الذي تتكون القومية من ضمنه- لا وجود لها في غياب هذا العقد، أي دون القرار الواعي من قبل ((مواطنين))، وليست ناتج تطور (( طبيعي)) يفرض نفسه بدون عمل الوعي.طبعاً فكرة ((العقد الإجتماعي)) هي أيضاً ميثولوجية؛ بمعنى أن ظهور العلاقات الرأسمالية هو القاعدة الموضوعية التي تكّونت الدولة -الأمة على أساسها، وأن هذه العلاقات لم تنشأ بقرار من الناس. على أن هذه الميثولوجيات الجديدة لا تمتّ للماضي بصلة، فهي تجلّ لمفاهيم جديدة رافقت نشأت الرأسمالية، مفاهيم الفردية البرجوازية وحريتها؛ أي تأكيد حقوق هذا الفرد الحر في مواجهة المجتمع وانعتاقه منه، ظهور مفهوم المواطن ليحل محل الرعايا وأهل الذمة.تجلّت هذه المفاهيم الجديدة في الثورة الفرنسية تجلياً إيديولوجياً وسياسياً بارزاً. فالثورة الفرنسية زعمت أنها تؤسس ((أمة جديدة))، لا علاقة لها بالمرجعية البيولوجية (دم الأسلاف أو الأمة الدينية)؛ بل مرجعيتها الوحيدة هي قرار حر من المواطنين الذين يريدون العيش متضامنين في ظل قوانين يسنّونها هم دون قيد. لذلك ضمت هذه الأمة الجديدة الشعب الذي اشترك في الثورة بفئاته المختلفة الأصول، والمكونة من ناطقين باللغة الفرنسية ومن غير الناطقين بهذه اللغة على قدم المساواة، وكذلك-بالمقابل- لم تشمل هذه الأمة كل من نطق بالفرنسية ويعيش كمواطن في دولة أخرى. فهذه الأمة الجديدة هي ((أمة-مجتمع إيديولوجية الطابع))، ((أمة إختيار حر))، ((أمة مواطنين بإرادتهم)) وليست ((أمة طبيعية)) عنصرية، ليست أمة الأسلاف. لذلك ضمّت الأمة الفرنسية الجديدة فوراً يهودي فرنسا، رغم اختلافهم في الديانة؛ إذ أن الديانة لم تعد تمثل مرجعية معترفاً بها. أكثر من ذلك، ضمت الثورة في ذروتها العبيد السود الذين انتفضوا في هاييتي، وأعلنت أنهم استحقوا أن يكونوا مواطنين متساويين، بفضل انتفاضتهم، لأنهم أحرار بإرادتهم. مفهوم العلمانية يجد مكانه في هذا الإطار الإيديولوجي. فلا تنحصر العلمانية في مبدأ استقلال القرار السياسي عن اللاهوت. فهذا المبدأ معمول به عبر التاريخ منذ أزمنة بعيدة وفي جميع المجتمعات، على الرغم من أنه، ظاهرياً، لم يكن كذلك دائماً، وعلى الرغم من إدعاء الجماعات الإسلامية أنه لا يجب أن يكون كذلك. فالدمج بين السياسة والدين يضفي طابعاً مقدساً على ممارسات يغلب فيها طابع الإنتهازية السياسية؛ وبالتالي يلقي قناعاً يحول دون شفافية القرار، ويلغي جوهر الديمقراطية. كذلك لا ينحصر مبدأ العلمانية في ممارسة التسامح وإطلاق الحريات الدينية مهما كانت.إن مبدأ العلمانية يتجاوز كل ذلك، فهو إعلان قطيعة بالماضي والطبيعة، ويلغي المرجعية المعتمدة على السلفية، ومنها انتماء الشعب الى عقيدة دينية مشتركة. فالثورة الفرنسية أعلنت أن المسيحية هي رأي ((فلسفي)) فردي -لا أكثر- شأنها شأن أي رأي فلسفي، وليست عاملاً من عوامل البناء الإيديولوجي للمجتمع. وعلى هذا الأساس نستطيع أن ندرك مغزى ((حق اللجوء)) المسجل في إعلان حقوق الإنسان والمواطن- ديباجة الدستور- فما معنى هذا الحق؟ إن مفاده هو أن أي انسان - بغض النظر عن أصوله ولونه وآرائه(ومنها الدينية)- إذا اراد العيش في ظل قوانين الجمهورية وأن يشترك في سنها، فله الحق بالمواطنة. فليست هذه الأمة نتاج ((خصوصية)) لها جذور طبيعية وبيولوجية وتأريخية؛ بل أمة-مجتمع تزعم أنها تجلّ لمبدأ العمومية. سنجد ظواهر متماثلة تماماً في الثورة الفرنسية. فالثورة الفرنسية نصبت نفسها نموذجاً ينبغي أن يُحتذى؛ بل اعتبرت أن ثمة قوانين موضوعية لا بد أن تؤدي الى الإحتذاء بها عالمياً. ونجد فكرة متماثلة تماماً في تجربة الثورة الروسية، فهذا شأن جميع الثورات الكبر: إنها تتخطى مقتضيات الحاضر المباشر، وتشير الى اتجاه التطور المستقبلي البعيد.4- ولكن لا فلسفة الأنوار ولا الثورة الفرنسية، التي تمثّل أعظم تجلياتها في الواقع المجتمعي، قد حققت الهدف ذا البعد العمومي المعلن. لماذا؟ لأن النظام الرأسمالي الذي كانت هذه الإيديولوجية ملازمة له لم يتطلب ذلك؛ بل إن منطق الرأسمالية نفسه قد وضع حدوداً ضيقة لمبدأ العمومية المعلن. لقد اصطدم المشروع العمومي لفكر الأنوار والثورة الفرنسية بواقع التوسع الرأسمالي