الأربعاء، 7 يناير 2009

بخت الرضا منقوووول بقلم حسين الخليفة

بخت الرضا المعدن الذي لا يصدأ.. بقلم.. حسين الخليفة


حسين الخليفة الحسن


بخت الرضا البخت في واديك والبشر بادٍ في وجوه بنيك


حط بي الرحال في ذلك المبنى المتواضع الموغل في القدم (قطية) والذي اتخذه عميد بخت الرضا البريطاني مستر (قريفس) مقاماً طيباً لإدارة شؤون المعهد. بنى سقيفه من القش، وجدرانه من اللبن (الطي) ومساحته ضيقة (3×2متر).


جلست على ذلك الكرسي الخشبي العتيق، الذي تآكلت اطرافه، وارتعشت اوصاله، وامامه منضدة فسيحة مهترئة حزينة علا رأسها شيب ناصع البياض، وقد وهن عظمها! وعلى سطحها تجاعيد ذابلة كأنها تحكي بأسى تاريخ هذا المكتب. كنت اغوص بفكري وذهني وانا أقلب صفحات سفر متواضع الصفحات، اكتظ جوفه بمعلومات ثرة، فهو سجل من حصاد سنين للأم الرؤوم (بخت الرضا) سطرها قلم ابنها البار أستاذ الأجيال عبد الرحمن السيد علي، وثمار طيبات اقتطفها لنا المؤلف من حديقته الغناء. جاء لنا استاذنا بكل ما اختزنته ذاكرته التي ما زالت تنعم باليقظة، ولم يعترها الصدأ حوى سفره الثمين قصة وتاريخ ذلك المعهد- بخت الرضا- الشمعة التي لن تنطفئ. اختير المعهد في تلك البقعة الريفية عن قصد (منطقة شدة) مكان يلائم بيئة المعلم التي سيعمل بها. وليسهل اعداد وتأهيل وتدريب معلم ريفي بالمدرسة الأولية آنذاك (أساس) فهو هدف أساسي Main Objective قامت من اجله بخت الرضا. وهدف آخر أن يسهم ذاك المعلم في نهضة مجتمعه وبلاده، ويثري حضارته وثقافاته المتعددة بزاد اكاديمي ثقافي ومهني تزود به من المنهل الذي لا ينضب، كما تغرس بخت الرضا في نفس المعلم صفات حميدة يكون بها قدوة لطلابه ومجتمعه الصغير الذي هو أحد اركانه. كما يكون ملماً إلماماً كاملاً بمادته مخلصاً في نقلها للمتعلم، الذي بها ينمو عقله، ويسمو خلقه. وتهتم بخت الرضا بوضع المنهج العام للتعليم. فكان مفتشو بخت الرضا يومذاك يختارون مادة لمنهج معين ولابد ان تتناسب هذه المادة مع مقدرات التلاميذ الذهنية وتناسب بيئاتهم المتنافرة. تتم تجربة المادة بمدارس بخت الرضا اولاً ثم تدرس ببعض مدارس السودان المختلفة لشهر كامل ثم يجتمع شمل المعلمين لمناقشة سلبيات وايجابيات تلك المادة التي درست. ثم تنقح وتطبع بعد التعديل ثم تعمم على مدارس السودان لتصبح مادة دسمة متفق عليها. أملي ان نقتدي بهذه الطريقة التربوية المثلى عند وضع مناهج اليوم!.


للمعهد روافد عديدة كلها تهتم بشأن المعلم والبيئة التربوية Education Environment ومن بينها مدرسة التدريب الأولى الدويم الريفية الوسطى، والتي حظيت بطلاب صاروا فيما بعد قادة المجتمع السوداني، وسجلت وثائقها التي ما زالت موجودة التحاق الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود وأخوه الملك الحالي عبد الله بن عبد العزيز آل سعود بها عام 1946م وأمضيا قرابة الشهرين يتلقيان العلم بها ثم عادا لمسقط رأسهما. ومن بين من زاملهما بالمدرسة آنذاك المرحوم الطيب عبد الله زعيم أمة الهلال.


كان اهتمام بخت الرضا بالمسرح كبيراً. في الثلاثينيات من القرن المنصرم انشىء مسرح صغير بها (أول مسرح بالسودان) وكان يضاء (بالرتاين) فقد قام بعض أساتذة بخت الرضا بتأليف وترجمة بعض التمثيليات وقد أبدعوا، وأثروا الساحة بالفن، ترجم الاستاذان مكي عباس وعبد الرحمن علي طه مسرحية (البارون) كما عرض مسرح بخت الرضا العتيق يومذاك مسرحيات عديدة نذكر منها: مجنون ليلى، خراب سوبا، تاجوج. ومن رواد المسرح الأوائل الأساتذة: عبد الرحمن علي طه، د. أحمد الطيب، الطاهر شبيلة، عبد اللطيف عبد الرحمن، عبد الرحمن السيد، الفكي عبد الرحمن (المسرحي الشهير).


انشأ العم عبد القادر كريم الدين التاجر بالدويم حوضاً للسباحة شمال المعهد (والأول بالسودان) وبه مدرجات ومعدات للسباحة تمارس فيه الألعاب الرياضية خاصة في عيد بخت الرضا نذكر من قدامى الأستاذة ببخت الرضا عثمان محجوب (أول عميد سوداني للمعهد). أحمد حامد الفكي، حسن عباس، مندور المهدي، زين العابدين الحسين، عصام حسون، يوسف المغربي (عضو المنتدى التربوي الحالي)، ابراهيم مصطفى، توفيق أحمد سليمان (رئيس المنتدى التربوي حالياً وكلهم كانوا عمداء لبخت الرضا). مأمون إبراهيم الإمام. محمد التوم التجاني، محمد خير عثمان، بابكر محمد أحمد، شريف خاطر التربوي حالياً، عبد المتعال إبراهيم، عبد المجيد خليفة، الطاهر عبد الرحيم.


من الذين عملوا أمناء لمكتبة بخت الرضا عمران العاقب، عبد الرحيم محمد الفكي، صلاح فريجون.


من البريطانيين الذين شاركوا في وضع المناهج ببخت الرضا نذكر: مستر قريفس، مستر هودجكن، مستر اسكوت، مستر قريتلو، مستر وليامز، مستر براون.


من قدامى الموظفين والعمال ببخت الرضا: ابراهيم سعيد (الحسابات)، أحمد خليل علام (الباشكاتب)، الجيلي الأنصاري (المخازن)، عابدين فرح، حامد يس، معتصم أحمد الحاج (الحسابات)، عمنا منصور الدسوقي أول سائق لكومر بخت الرضا، حسن عبد الله أول فراش بالمعهد، ومن أصحاب الأعمال بالمعهد: أحمد ابراهيم وأخوه حسن، دكان المعهد، عثمان عمار متعهد المدارس، الخليفة الحسن متعهد المعهد، عبد العزيز اليماني (المطبخ) محمد ابراهيم الياس (الحلاق)، يوسف محمد علي وأحمد حاج ادريس (ممرضان)، الفاتح حسن النادي ملاحظ الصحة.



نذكر هنا بعض خريجي بخت الرضا من عام 1941 وحتى عام 1949 وهم: ابراهيم ضو البيت، صلاح أبوطالب، مهيد بانقا، عبد الرحمن السيد، محمد الأمين الغبشاوي، مهدي علي شرفي، مبارك ادريس، عبد اللطيف عبد الرحمن، ميرغني بابكر، شمس الدين الفكي، حماد أبوسدر، سعيد القدال، يس عبد الرحيم.



قارئي الحصيف: هذه حصيلة معلومات توثيقية عن الأم الرؤوم (بخت الرضا) آمل ان تنال الرضا. عفواً لكل من حرمته ذاكرتي من الذكر. لنا عودة بمشيئة الله. شكري للأستاذ أحمد طه لسعة صدره.



والله الموفق



حسين الخليفة الحسن



خبير تربوي: عضو المنتدى التربوي السوداني

هناك 13 تعليقًا:

  1. هناك اسماء عديدة لم تذكر مثل عمنا ادم )مواسرجى) وعمنا المرحوم ود الاحمر ومن الاساتذه بروفيسير محجوب الحسين، وعلى محمد يوسف،والمرحوم احمد حاج على،وسلمان على سلمان رحمه الله،والمرحوم د.وداعه محمد الحسن عكودوالاستاذ اسماعيل مكى كننى، والمرحوم د.نمر سليمان ...الخ

    ردحذف
    الردود
    1. ايضا من الاسماء قطبي سالم ,شيخ الجيلى احمد المكى بدر الدين احمد عبد الرحيم, وعوض اسماعبل,ادم محمد ادم,
      مبارك سعيد,حسن رحمة الله

      حذف
    2. كثير من معلمين بخت الرضامن الرعيل الاول لم يذكرهم احد ـ قدموا الكثير ونسيهم الناس ونسى اعمالهم الجليله
      الاستاذ حسين محمد كمال ـ اول تخصص تربية بدنية في السودان من بخت الرضا
      الاستاذ محمد التوم التجانى الذى اصبح وكيلاً لوزارة النربية والتعليم
      الاستاذ احمد الطيب عبد الحفيظ مؤلف كتاب حساب التلميذ
      ااستاذ عبد الرازق عبد الغفار ـ استاذ الفنون واصبح من المشهود لهم بأعمال الفن والنحت
      وغيرهم كثيرون لهم حق علينا ان نذكر لهم اعمالهم ونخلد ذكراهمالطيبة

      حذف
  2. من أساتذة المدرسه الأوليه ببخت الرضا : عبد الحميد ابوقصيصه ، مبارك سعيد ، حسن يوسف جيلى ، قاسم الشيخ ، عبدالوهاب الشعرانى

    ردحذف
  3. ومن المؤسسين عمنا
    الشبلي علوان عبدالله رحمه الله واسكنه فسيح جناته

    ردحذف
  4. عبد الله خليل رئيس الوزاراء عمل ببخت الرضا، والمحجوب تخرج فيها
    والعالم الكبير محجوب عبيد

    ردحذف


  5. بخت الرضا 75 عاماً من الإشعاع المعرفي
    * إشراقة مكي لكل منا ذكريات تربطه
    الدويم: إشراقة مكي
    صحيفة السوداني
    الجمعة 27 يناير 2012م
    *****
    لكل منا ذكريات تربطه بزملاء دراسة لم يبارحوا الذاكرة ولو طالت الأيام
    والسنوات بينهم، لأني مازلت أذكر صديقاتي خديجة حماد وهالة فاروق
    وعزيزة موسى اللاتي ربطتني بهن صداقة بالمرحلة الثانوية ولكن بالرغم
    من ابتعادنا عن بعضنا لسنوات إلا أن لقائي بهن بعد عدد من السنوات،
    لم يكن فاتراً لأنه سرعان ما تتدفق الحكاوي والمواقف التي جمعت بيننا
    كأننا نعيش تلك اللحظات من جديد، كل هذا أعاده لذاكرتي ما قرأته من
    ذكريات حية يرويها الدكتور الغالي محمد سليمان عن (بخت الرضا) وعن
    زملائه وأحاسيسه التي لم تفارق صدره حتى الآن منذ خطت خطاه بهذا
    المكان الرائع الذي عاش فيه أياماً رائعة فكانت نقلته الكبرى من قرية
    المزروب شمال كردفان إلى الدويم، تكاد صورها حتى الآن بالرغم من
    تقدمه في السن تزيد من حفر عمقها برأسه الذي اشتعل شيباً ولكن لم
    ينس منها مشهداً.
    • ست الاسم
    يقول الدكتور إن اسم بخت الرضا اشتق من اسم امرأة كانت تحرس
    المطامير (حفر في الأرض يحفظ فيها الذرة أو الدخن) في منطقة زراعية
    شمال مدينة الدويم وهي منطقة ريفية (منطقة شدة) يكثر بها الناموس
    والذباب والثعابين ومختلف الحشرات إضافة إلى الماء المالح فيها.
    وقد قامت بخت الرضا كبديل لمدرسة تدريب مدرسي المدارس الأولية
    (العرفاء) وهم من قبلوا بكلية غوردون من المدارس الأولية والبعض من
    المدارس المتوسطة للعمل بالمدارس الأولية، وعند قيام بخت الرضا تم
    تحويلهم إليها للتأهيل والتدريب ثم التخرج كمعلمين بالمدارس الأولية
    وهي أول مدرسة تابعة لكلية غردون عام 1903م ثم أغلقت عام
    1928م وتم فتحها مرة أخرى عام 1934م.
    ولقد ارتبط إنشاء بخت الرضا بلجنة ونتر التي عينت عقب الأزمة
    الاقتصادية العالمية التي أدت إلى إعادة النظر في سياسة التعليم آنذاك.
    • شعاع الطين والقش
    كانت مباني الإدارة عبارة عن مبنى واحد من الطين والقش، وسقف
    من الزنك (ملقم) بالبروش لتخفيف حرارة الزنك ويطلق عليه المبنى
    الرئيسي، وهو يضم الفصول من الأول إلى الخامس ومكتب العميد مستر
    قرفس ونائبه عبد الرحمن علي طه، كما يشمل المبنى مكاتب المعلمين
    ومكتبة التسليف بالبريد والحسابات والكتبة وقاعة الاجتماعات وأمام
    المبنى مسرح صغير في شكل دائرة، كما أن المباني جميعها من الطين
    والقش كمنازل المعلمين وداخليات الطلاب وحتى منازل سكن الذين يأتون
    للتدريب بالمعهد، وفيما بعد تم تحويل طلبة الصف الخامس من ذلك
    المبنى الرئيسي إلى كرنك مشيد من الطين والقش حتى تم تخرجهم في
    1/1/1941م، وفي العام 1948م تم تحويل جميع الطلبة إلى مبروكة
    للدراسة والسكن بالداخليات حتى يتم نقلهم إلى بخت الرضا للالتحاق
    بالصف السادس للدراسة والتدريب.

    ردحذف
  6. وهنا يتوقف دكتور الغالي بعد هذا السيل العرمرم من الذكريات ويتنهد..
    ما هي الصورة الآن؟
    لقد اختفت (بخت الرضا) بكل مبانيها ومعالمها الأخرى التي كانت بها،
    لقد اختفت اللهم إلا من بعض المنازل للموظفين والعمال التي وزعت ما
    بين جامعة بخت الرضا والمركز القومي لتطوير المناهج والبحث التربوي
    لقد تبدل الحال عندما أصبحت مبروكة داخلية لطلاب بخت الرضا، أما
    داخلية السنتين حيث كان يعد فيها مدرسو المدارس المتوسطة من
    خريجي المدارس الثانوية وتدريب معلمي المرحلة الثانوية ويدرس بها
    كبار الأساتذة الجامعيين قبل قيام كلية التربية بجامعة الخرطوم.
    ما هو وضعها الآن؟
    داخلية السنتين أصبحت كلية التربية، أما مدرسة النيل الأبيض الوسطى
    التي كان يتدرب فيها معلمو المرحلة المتوسطة (السنتين) وتقع شمال
    مبنى الإدارة فأصبحت الآن كلية الزراعة هي ومدرسة الدويم شمال
    المتوسطة، أما ديم بكر التي تقع جنوبي الرئاسة حيث بها داخليات
    التلاميذ الأولية وسكن المعلمين، فأصبحت عمادة طلاب جامعة بخت
    الرضا وبها أيضاً الإدارة والشؤون الاجتماعية للجامعة، أما المدرسة
    الأولية (الألفية) التي كان يتدرب فيها معلمو المدارس الأولية وتقع
    شرق مبنى الإدارة فأصبح بها الآن إدارة الجامعة بالإضافة إلى مدرسة
    بنين أساس واحدة ومدرسة بنات أساس واحدة، والمكتبة المركزية
    تبعت للمركز القومي وتستغل من قبل الجامعة والمناهج أما سادسة
    فأصبحت المركز القومي للمناهج، ونادي المعلمين أصبح جزءاً من
    المركز القومي للمناهج، والإدارة القديمة مستغلة استثمارياً لخدمات
    طلاب الجامعة، والمسرح العتيق ألحق بالجامعة أيضاً.
    أما حوض السباحة فتبع أيضاً للجامعة.
    أما حي العمال فظل كما هو (الدكان الكبير والبيارة والطاحونة والفرن
    وبعض الخدمات).
    وهكذا يسدل الستار على مؤسسة عظيمة عاشت (61) عاماً عبره
    قدمت للسودان المعرفة وقادته إلى الاستقلال، فقد كانت بخت الرضا
    بوتقة لانصهار أبناء السودان، من كل الجهات يحملون عاداتهم
    وتقاليدهم وثقافاتهم يلتقون في الداخليات والفصول والميادين
    وغيرها، فزالت بينهم الفوارق وتم تبادل الخبرات وتلاقحت الأفكار
    وبهذا تكونت الوحدة الوطنية.
    • مصنع الرجال
    يروي دكتور الغالي كيف كان يتم استدعاء بعض الطلاب للذهاب لبخت
    الرضا، في يوم من أيام شهر نوفمبر سنة 1945م، وبنهاية الصف
    الرابع طلب منه ناظر مدرسة الدامر الأولية وهي المدرسة الوحيدة في
    المدينة طلب منه أن يذهب لبخت الرضا فرفض الذهاب فتم استدعاء
    خاله الوصي عليه بعد وفاة والده ليستشيره الناظر في أمر إرساله إلى
    بخت الرضا ليمكث فيها ست سنوات ليرجع بعدها مدرساً بالمدرسة
    الأولية وهنا يفكر الغالي بسره (إن هذه فرصته نسبة لضيق اليد،
    وصعوبة قبوله في مدرسة وسطى بسبب المصاريف إضافة إلى أسلوب
    من "التخويف" بأن هذه المواصفات جاءت من بخت الرضا بواسطة
    مفتش المركز بعطبرة فيما يتعلق بانطباق المواصفات عليه من حيث
    المستوى الأكاديمي وبعض الصفات الأخرى)، وهنا يؤكد الغالي بعد
    المداولات بين أفراد الأسرة فإن والدته اعترضت على ذهابه لبخت
    الرضا واختارت أن يبقى بجانبها ليساعدها في بعض شؤون الأسرة
    الفقيرة، ولكن الخال أقنعها أن ابنها سوف يساعدها بشكل أفضل حال
    تخرجه فاقتنعت مكرهة، وهنا يقول الغالي بسعادة ودعت زملائي
    بالصف الرابع ومعلمي بمدرسة (خور جادين) التي تتمتع بطبيعة
    خاصة ارتبط بها تلاميذها البادية، وهي المدرسة الوحيدة التي أقيمت
    في منطقة دار حامد شمال كردفان وقام ببنائها أول المتعلمين من
    قبيلة دار حامد عام 1949م وهو المأمور عبدالله أفندي العريفي،
    الذي جمع لها تلاميذ من المدارس بمنطقة المزروب، أم كريدم،
    أم شرية، السعاتة، أم سعدون، المرة، أم سيالة، أم قرفة، شرشار،
    دميرة، طيبة، والقاعة وغيرها، والمدرسة تقع في منطقة (الخيران)
    شرق دميرة حاضرة قبيلة الفراحنة، على امتداد واحة البشيري المعروفة،
    ولعل مما خلد ذكرى (الخيران) حيث تزرع أشجار النخيل والليمون
    والفواكه والخضروات بكل أنواعها.

    ردحذف
  7. بعض الأغاني التي كانت تتغنى بها فتيات دار حامد النابهات وأخذها
    عنهن كل أهل السودان وهي من أغاني الجراري المشهورة التي تقول
    كلماتها:
    زارعنه في الخيران
    ساقينه بي التيران
    اسمك تقيل يا فلان
    زي حنظل القيزان
    ***
    زارعنه في البورة
    وطاتة ممطورة
    زولاً جميل الصورة
    بي الفاتحة مندورا
    وحملت شنطتي الحديدية وبدأت رحلة العلم إلى مصنع الرجال بخت
    الرضا، ولم يكن حينذاك من وسائل ترحيل غير الدواب وأهمها الجمال
    فأجرت أنا ورفيقي محمد جملين ليوصلانا عبر مسيرة يوم كامل،
    منطلقين صوب الجنوب إلى بارا مركز دار حامد إلا أن سيرنا كان بطيئاً
    بسبب قيزان الرمال العالية ثم المنحدرات حادة والسهول منبسطة، لقد
    تحركنا في أول مارس صباح الاثنين عام 1952م وبعد ليال صعبة
    وصلنا إلى بارا ومنها توجهنا إلى الأبيض بالعربات اتجهت إلى منزل
    ابن عمتي الشريف محمد الماحي رحمه الله الذي أوصلني أحد حيرانه
    إلى محطة السكة حديد، ولأول مرة في حياتي أرى القطار فهو عالم
    قائم بذاته وفي الدرجة الثالثة التي حجزت لي بها مقعداً تعرفت لأول
    مرة بعدد من رفقاء الرحلة المتوجهين أيضاً إلى نفس وجهتي بخت
    الرضا كان منهم حسن أحمد الشيخ، علي فضل دقاش، وموسى حامد
    أبو شلوخ، زين العابدين محمد وهم العدد المطلوب إرساله من مديرية
    كردفان، وتحرك القطار عند الثامنة صباحاً من الأبيض ومن ثم نزلنا
    بالأبيض لنركب فيما بعد الباخرة للدويم لنصل بعدها إلى بخت الرضا.
    وعن رحلته البحرية الأولى يقول دكتور الغالي "لقد اضطربت المشاعر
    بداخله، وهو يتفحص بعينيه جنبات (البابور) الذي كان يتمايل وهو
    يصعد إليه بسلام إلى صندل محاط بسلك نملي ومسقوف بالزنك
    وأرضيته من خشب، وفيما يذكر أن كل من معه افترشوا السطح البارد
    ورقدوا بدون لحاف أو مخدة متوسدين فقط شنطهم الحديدية وهم
    مأخوذين بحركة الموج وصوت الماء الذي يرتطم بجنبات البابور
    وخاصة وهم قادمون من كردفان يختبرون هذا الوضع لأول مرة في
    حياتهم، وعند نزولهم قابلهم (العم منصور) المعروف بدقة مواعيده
    وأخذهم إلى مبروكة حيث استقر بهم المقام هناك.

    ردحذف
  8. ومرت الأيام حلوة خضرة نضرة بين الزملاء والأساتذة حتى جاء العام
    1957م فجلست لامتحان النهائي الثانوي، وبحمد الله ظهرت النتيجة
    حيث أخذوني من أوائل الذين اختيروا لمعهد التربية بخت الرضا حيث
    وجدت عالماً غير الذي عشت فيه وأجواء غير التي ألفتها وأشخاصاً
    كنت أسمع بهم فرأيتهم رأي العين مثل عميد المعهد ابن رفاعة عثمان
    محجوب والدكتور أحمد الطيب والأستاذ بدر الدين الرياضي المهول،
    ولقد كنا نسمي بعض الأشخاص بأسماء قراهم ومدنهم التي حضروا
    منها حتى صارت أسماء لهم لا يعرفون بدونها مثل (شكابة، طابت،
    شبارقة، بشاقرة، تندلتي، كوستي) وأحياناً بأسماء القبائل مثل
    (الجعلي، والفلاتي، ود النوبة) وأحياناً أخرى بالجهات التي قدموا
    منها مثل ( ود السافل، ود الصعيد، ود الشرق، ود الغرب) كل هذا
    والكل راض يأتي مسرعاً عندما ينادى بها.
    ويواصل دكتور الغالي سرد ذكرياته الحبيبة ويقول "المدرسة سابقاً
    علمتنا كيفية الاستمتاع بحياتنا الدراسية والاستفادة من أحوال الطقس
    عندما كنا نقوم برحلات شتوية وصيفية للقرى المجاورة، حيث يسعد
    الطلاب بها لما تقوم به من بث روح العمل الجماعي كالمساعدة في
    بناء الفصول والمساجد والترفيه والتثقيف حتى صار حالنا أن نودع
    بالشكر وأحياناً كثيرة بدموع الفراق والبكاء لما يتركه من أثر عقب
    رفقة الزملاء الذي يظل باقياً حتى العام القادم.
    • القلعة القبلة
    يقول دكتور الغالي إن بخت الرضا في يوم من الأيام أصبحت قلعة علم
    ومحط أنظار العديد من التربويين من العالم العربي والإفريقي، لقد قدم
    إليها عدد من الطلاب الصوماليين ومنهم الشيخ محمود حاج أحمد الذي
    حضر لدراسة طرق تدريس اللغة العربية والحساب لمدة ثلاثة شهور، كما
    أتم نجيب جعفر من عدن مدة ببخت الرضا، كما جاء سعيد القدال في
    زيارة قصيرة عند توجهه إلى حضرموت لدراسة حال التعليم في السودان
    عام 1938م لمعرفة صور النشاط المختلفة ، أما الحدث الأهم فعندما
    في عام 1945م إلى معهد التربية ببخت الرضا الامير (فهد بن عبد
    العزيز) ملك المملكة العربية السعودية فيما بعد، الذي أرسله والده آنذاك
    ليتعلم في بخت الرضا لسمعتها الداوية تربوياً في العالم، وقد فرح
    بقدومه الجميع وقبل بالمدرسة الريفية الوسطى بمدينة الدويم إلا أن
    المسئولين احتاروا في كيفية إقامته لأن مهمة المعهد كانت إعداد
    معلمين لمدارس الريف السوداني في حد أدنى من الرفاهية وخاصة
    أن الأمير لم يكن يعد ليكون مدرساً.
    وبواسطة الأستاذ عبد الرحمن علي طه تم حل المشكلة عندما اقترح
    عليه المرحوم الشيخ يوسف هباني ناظر قبيلة الحسانية في ذلك الوقت
    أن يستضيف الأمير بمنزله في الدويم، إلا أنه للأسف لم يتمكن الأمير
    من البقاء طويلاً بالمدرسة لأن توجيهاً جاء من الخرطوم تقرر بموجبه
    حسب طلب والده أن يرسل إلى مصر، وبالفعل وصل محمد عبد الهادي
    المسئول عن التعليم المصري بالسودان وأخذه.
    ويحكي الأستاذ أحمد محمد سعد مدرس العلوم بالمدرسة الريفية أن
    الطالب فهد عبد العزيز كان ضمن طلبته وقد تميز بتشوقه للتجارب
    العلمية ولو لم يكن أميراً وهو في طريقه ليكون عاهلاً للملكة العربية
    السعودية لأكمل تدريبه ليكون معلماً للعلوم ولكن مدة بقائه بالسودان
    في العام 1945م كانت قصيرة جداً.

    ردحذف
  9. الدويم مدينة عريقة في التجارة والتعليم. إسمها الأصلي (ديم شات). إشتهر من متعلّميها عدد كبير من الرموز السودانية. واشتهر بها الشيخ برير ود الحسين في شبشة. واشتهرت الدويم بـ (بخت الرّضا) لؤلؤة التعليم السّوداني. كانت مجموعة تأسيس بخت الرضا تضمّ مستر (غريفيث) ومستر (هودجكن) ونصر الحاج علي وعبد الرحمن علي طه ومكي عباس وعوض ساتي وجمال محمد أحمد وسر الختم الخليفة. كما اشتهر الشاعر عمران العاقب أمين مكتبة بخت الرضا. تمَّ اختيار الدويم لتكون موقعاً لـ (بخت الرضا) بدلاً عن (الهلاليًّة) في شرق الجزيرة.
    إشتهر من تجار الدويم وعائلاتها حاج أحمد سعيد وسلمان محمود وعابدين قطان والعديد من رموز التجارة والمال والأعمال. واشتهر من شخصياتها التجاني محمود والد المرضي التجاني (كنانة) و(الفاتح التجاني) المعلِّم الشهير ومرتضى التجاني الزراعي البارز والشيخ محمود أبو السُّرة. ومن عائلات الدويم اشتهرت عائلة أبوكشوَّة ومنهم الإداري الشهير عثمان أبو كشوة والدكتورة سمية أبو كشوة نائب مدير جامعة الخرطوم، وآل السيد ومنهم الدكتور محمد عثمان السيد المحاضر بجامعة البحرين وآل السيد حسن ومنهم رجال الأعمال مجدي السيد وآل أحمد فضيل وآل السباعي وآل هباني وآل أبو طالب وآل قطان وآل أبَّشر وآل عريبي وآل أبو شنب وآل نديم وآل الخفير وآل علآم وآل حمودي وآل الأنصاري وآل الخليفة الحسن وآل كريم الدين وآل الأذان وآل عابدين محمد علي سالم وآل مهدي إبراهيم سالم وآل الحاج أبو ورقة ومنهم الدكتور عبد الحليم المتعافي وإخوته وآل همَّام أصهار الدكتور (الصحفي) كمال حنفي وآل محمد خير وآل حاج عطية ومنهم الدكتور الطيب حاج عطية وآل القريش ومنهم الوزير السَّموأل خلف الله وآل العبَّادي وآل زهران (الزهارين)، وغيرهم من العائلات الشهيرة. ومن أبناء الدويم الصديق الصحفي عادل الباز ودكتور خالد هباني وإبراهيم هباني والأستاذ الدكتور الموسيقار عباس السباعي والأستاذ الأمين السباعي الذي فاز أخيراً بجائزتين عربيتين مرموقتين في الخط العربي (خطّ القرآن الكريم) ومن الدويم الصديق المهندس ورجل الأعمال أحمد إبراهيم شطة أخطر طباخ في (ميزات) الإغتراب. ومن أبناء الدويم الصديق أبوبكر عابدين قطان والأستاذ الجليل مصطفى برجاس. واشتهر من شعراء الدويم التجاني حاج موسى. يُذكر أن نابغة السودان في الفيزياء محجوب عبيد درس الوسطى في الدويم. ومن لاعبي كرة القدم في الدويم اشتهر عبد الكريم (كريشنقا) و(مبيوع) الذي يقال إنه قد أضاع ضربة جزاء لصالح فريقه في إحدى المباريات ووقع على الكرة بيده لتصبح (هاند بول) ضد فريقه. وتلك معجزة كروية مقلوبة لم تحدث في تاريخ كرة القدم.
    إشتهرت الدويم بـ (مكتبة الأفندي) مكتبة العم غانم محمد أفندي الذي كان له دور في الحركة الإسلامية. واشتهر (حلواني برعي) وقد كان لصاحبه برعي محمد أحمد دور كذلك في الحركة الإسلامية. كما اشتهر من أبناء الدويم من الحركة الإسلامية الفنان التشكيلي وخبير الطباعة الدولي الراحل إبراهيم الدسوقي محمد الحسن رئيس مجلس شورى الحركة الإسلامية والذي أشرف على تنفيذ مشروع توطين طباعة العملة السودانية واشتهر البروفيسور الطيب زين العابدين والبروفيسور شمس الدين زين العابدين وسليمان وهبة وعبد الباسط دوشي والراحل الأستاذ النور علي (صهر الوزير أحمد عبد الرحمن محمد) والراحل الدكتور عبد العال عبد الله اختصاصي التجميل ونصر الحاج عليّ أول مدير لجامعة الخرطوم. كما اشتهر من السياسيين رئيس الوزراء محمد أحمد محجوب الذي نشأ في الدويم والطيب عبد الله رئيس نادي الهلال، والدكتور أبو بكر مصطفى مؤسس ومدير كلية كمبيوتر مان (جامعة المستقبل)، والصحفي محمد خير البدوي.،،،، نواصل

    ردحذف
  10. واشتهر في الدويم (الأب جون) تمساح النيل (كيريا). كما اشتهر عدد كبير من الظرفاء مثل قرشي لعوتة وعبد الرزاق (جونقة) وأحمد قرمبولي، وغيرهم. ومن أبرز شخصيات الدويم في مجال المال والأعمال على مستوى السودان والعالم العربي والإفريقي رجل الأعمال الراحل الدكتور خليل عثمان. درس خليل عثمان مراحله في الدويم ثم حنتوب الثانوية ثم جامعة القاهرة. وهاجر إلى الكويت لتبدأ قصته مع النجاح، حيث أنشأ بمشاركة كويتية أول مصنع للجمبري في الكويت. ثمَّ توالت الإستثمارات في مجال الأخشاب في كندا والكبريت في نيجيريا والكونغو والألبان في هولندا والأسماك في الصومال ومصنع نسيج في لبنان وشركات تجارية في اليابان والهند وانجلترا. ومن الإستثمارات التي قادها رجل الأعمال الراحل خليل عثمان في السودان كان مصنع الكبريت (ماركة التمساح وماركة الببغاء) ومصنع الزجاج ومصنع الخشب المضغوط والمؤسسة الأهلية للزراعة ومؤسسة دقنة للتنقيب عن البترول ومصنع النسيج السوداني ـ الأمريكي في الخرطوم بحري. إرتبط الدكتور خليل عثمان بصلات وثيقة بعائلة الصباح الحاكمة في الكويت. حيث زار السودان بتأثير تلك العلاقات الأمير ناصر الصباح والأمير خالد الصباح. رجل الأعمال السوداني الراحل خليل عثمان بأبعاده الوطنية والعربية والأفريقية، تجربة لم تتكرر بعد في الإقتصاد السوداني. مثلما أن (بخت الرضا) تجربة لم تتكرَّر بعد في التعليم السوداني، كذلك الدكتور خليل عثمان تجربة لم تتكرَّر في مجال المال والأعمال والإقتصاد السوداني. إرتبط خليل عثمان بعلاقات حميمة مع الدويم وأهلها، ونشر على موطن نشأته صنائعه الجميلة وبسط مظلة وفائه. رحم الله خليل عثمان.

    ردحذف